ابن الجوزي
الصَّاحِبُ العَلاَّمَةُ، أُسْتَاذُ دَارِ الخِلاَفَةِ، مُحْيِي الدِّيْنِ يوسف ابن الشيخ جَمَالُ الدِّيْنِ أَبِي الفَرَجِ ابْن الجَوْزِيِّ، القُرَشِيّ، البَكْرِيّ، الحَنْبَلِيّ.
وُلِدَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَيَحْيَى بن بَوْش، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ عَبْد السَّلاَمِ، وَذَاكر ابن كَامِل، وَابْن كُلَيْب، وَعِدَّة.
وَتَلاَ بِوَاسِط لِلْعَشْرَة عَلَى ابْنُ البَاقِلاَنِيِّ، بِحَضرَةِ أَبِيْهِ عِنْدَمَا أُطْلِقَ مِنَ الحَبْس.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالرَّشِيْدُ بنُ أبي القاسم، وجماعة.
دَرَّسَ، وَأَفتَى، وَنَاظر، وَتَصَدَّرَ لِلْفقه، وَوعظَ.
وَكَانَ صَدْراً كَبِيْراً، وَافر الجَلاَلَةِ، ذَا سَمْتٍ وَهَيْبَةٍ وَعبَارَةٍ فَصيحَةٍ، رُوسِلَ بِهِ إِلَى المُلُوْك، وَبلغ أَعْلَى المَرَاتِبِ، وَكَانَ مَحْمُوْد الطَّرِيقَة مُحبَّباً إِلَى الرَّعِيَّةِ، بَقِيَ فِي الأُسْتَاذ دَارِيَّةِ سَائِرَ أَيَّامِ المُسْتَعْصِمِ.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ كِتَابَ "الوَفَا في فضائل المصفى" لأَبِيْهِ، وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ، وَوصَلنِي بِذَهب.
قَالَ شَمْس الدِّيْنِ ابْن الفَخْر: أَمَّا رِيَاسته وَعَقْله فَتُنْقَل بِالتَّوَاتُرِ حَتَّى قَالَ السُّلْطَان الْملك الكَامِل: كُلّ أَحَدٍ يُعوِزُهُ عَقْلٌ سِوَى مُحْيِي الدِّيْنِ فَإِنَّهُ يُعوزه نَقص عقل! وَذَلِكَ لِشِدَّةِ مُسكته وَتَصمِيمه وَقُوَّة نَفْسِهِ؛ تُحَكَى عَنْهُ عَجَائِب فِي ذَلِكَ: مَرَّ بِبَابِ البَرِيْد فَوَقَعَ حَانُوْت فِي السُّويقَةِ، وضج الناس وسقطت خشبة عَلَى كفل البَغْلَة فَمَا الْتَفَت وَلاَ تَغَيَّر.
وَكَانَ يُنَاظر وَلاَ يُحرك لَهُ جَارحة.
أَنشَأَ بِدِمَشْقَ مَدْرَسَةً كَبِيْرَةً، وَقَدِمَ رَسُوْلاً غَيْرَ مَرَّةٍ، وَحَدَّثَ بِأَمَاكن.
ضُرِبَتْ عُنُقُهُ صَبْراً عِنْدَ هُوْلاَكُو، فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي نَحْو مِنْ سَبْعِيْنَ صَدْراً مِنْ أَعيَانِ بَغْدَاد مِنْهُم: أَوْلاَده؛ المُحْتَسِب جَمَال الدِّيْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ، وَشَرَف الدِّيْنِ عَبْد اللهِ، وَتَاج الدِّيْنِ عَبْد الكَرِيْمِ، رَحِمَهُمُ الله