مروان بن الحكم
ابن أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، المَلِكُ، أَبُو عَبْدِ المَلِكِ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ.
وَقِيْلَ: يكنَّى أَبَا القَاسِمِ، وَأَبَا الحَكَمِ.
مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ, وَقِيْلَ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ.
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ.
وَعَنْهُ: سَهْلُ بنُ سَعْدٍ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ, وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنِ عَبْدِ الله، وَمُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ المَلِكِ.
وَكَانَ كَاتِبَ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ، وَإِلَيه الخَاتِمُ، فَخَانَهُ، وَأَجْلَبُوا بِسَبِبِهِ عَلَى عُثْمَانَ، ثُمَّ نَجَا هُوَ، وَسَارَ مَعَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، فَقَتَلَ طَلْحَةَ يَوْمَ الجَمَلِ، وَنَجَا -لاَ نُجِّيَ, ثُمَّ وَلِي المَدِيْنَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ لِمُعَاوِيَةَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ طَرَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الطَّائِفِ، ثُمَّ أَقْدَمَهُ عُثْمَانُ إِلَى المَدِيْنَةِ؛ لأَنَّهُ عَمُّهُ.
وَلَمَّا هَلَكَ وَلَدُ يَزِيْدَ؛ أَقْبَلَ مَرْوَانُ وانضمَّ إِلَيْهِ بَنُو أُمَيَّةَ وَغَيْرُهُم، وَحَارَبَ الضَّحَّاكَ الفِهْرِيَّ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ دِمَشْقَ، ثُمَّ مِصْرَ، وَدَعَا بِالخِلاَفَةِ.
وَكَانَ ذَا شَهَامَةٍ, وَشَجَاعَةٍ، وَمَكْرٍ، وَدَهَاءٍ، أَحْمَرَ الوَجْهِ، قَصِيراً؛ أَوْقَصَ ، دَقِيْقَ العُنُقِ، كَبِيْرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، يلقَّب: خَيْطَ بَاطِلٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا انْهَزَمُوا يَوْمَ الجَمَلِ، سَأَلَ عَلِيٌّ عَنْ مَرْوَانَ، وَقَالَ: يَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قريش.
قَالَ قَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ: قُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: مَنْ تَرَى لِلأَمْرِ بَعْدَكَ؟ فسمَّى رِجَالاً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا القَارِئُ الفَقِيْهُ الشَّدِيدُ فِي حُدُوْدِ اللهِ، مَرْوَانُ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مَرْوَانُ يتتبَّع قَضَاءَ عُمَرَ.
وَرَوَى ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ أَمِيْراً عَلَيْنَا، فَكَانَ يَسُبُّ رَجُلاً كُلَّ جُمُعَةٍ، ثُمَّ عُزِلَ بِسَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَكَانَ سَعِيْدٌ لاَ يَسُبُّهُ، ثُمَّ أُعِيْدَ مَرْوَانُ، فَكَانَ يَسُبُّ, فَقِيْلَ لِلْحَسَنِ: أَلاَ تسمع ما يقول؟ فَجَعَلَ لاَ يَرُدُّ شَيْئاً
، وَسَاقَ حِكَايَةً.
قَالَ عطاء بن السائب، عن أبي يحبى، قَالَ: كُنْتُ بَيْنَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَمَرْوَانَ, وَالحُسَيْنُ يُسَابُّ مروان، فهناه الحَسَنُ.
فَقَالَ مَرْوَانُ: أَنْتُم أَهْلُ بَيتٍ مَلْعُوْنُوْنَ, فَقَالَ الحَسَنُ: وَيْلَكَ, قُلْتَ هَذَا! وَاللهِ لَقَدْ لَعَنَ اللهُ أَبَاكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ, وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ -يَعْنِي: قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ.
وَأَبُو يَحْيَى هَذَا: نَخَعِيٌّ، لاَ أَعْرِفُهُ.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ: كَانَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ، وَلاَ يُعِيدَانِ.
العَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِذَا بَلَغَ بَنُو العَاصِ ثَلاَثِيْنَ رَجُلاً، اتَّخَذُوا مَالَ اللهِ دُوَلاً، وَدِيْنَ اللهِ دَغَلاً، وَعِبَادَ اللهِ خَوَلاً.
جَاءَ هَذَا مَرْفُوعاً، لَكِنْ فِيْهِ عَطِيَّةُ العَوْفِيُّ.
قُلْتُ: اسْتَولَى مَرْوَانُ عَلَى الشَّامِ ومصر تسعة أشهر، ومات خنقًا مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ.
قَالَ مَالِكٌ: تذكَّر مَرْوَانُ، فَقَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فِيمَا أَنَا فِيْهِ مِنْ هرقِ الدِّمَاءِ وَهَذَا الشَّأْنِ؟! قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانُوا يَنْقِمُوْنَ عَلَى عُثْمَانَ تَقْرِيبَ مَرْوَانَ وَتَصَرُّفَهُ.
وَقَاتَلَ يَوْمَ الجَمَلِ أشدَّ قِتَالٍ، فَلَمَّا رَأَى الهَزِيْمَةَ رَمَى طَلْحَةَ بسهمٍ فَقَتَلَهُ، وجُرِحَ يَوْمَئِذٍ، فحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ، فَدَاوَوْهُ، وَاخْتَفَى، فأمَّنه عَلِيٌّ، فَبَايَعَهُ، وَرُدَّ إِلَى المَدِيْنَةِ.
وَكَانَ يَوْمَ الحَرَّةِ مَعَ مُسْرِفِ بنِ عُقْبَةَ يحرِّضه عَلَى قِتَالِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
قَالَ: وَعَقَدَ لِوَلَدَيْهِ؛ عَبْدِ المَلِكِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بَعْدَهُ، وزهَّد النَّاسَ فِي خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَوَضَعَ مِنْهُ، وسبَّه يَوْماً، وَكَانَ مُتَزَوِّجاً بِأُمِّهِ، فَأَضْمَرَتْ لَهُ الشَّرَّ، فَنَامَ فَوَثَبَتْ فِي جَوَارِيهَا، وغمَّته بِوِسَادَةٍ, قَعَدْنَ عَلَى جَوَانِبِهَا، فَتَلِفَ وَصَرَخْنَ، وظنَّ أَنَّهُ مَاتَ فُجَاءةً.
وَقِيْلَ: مَاتَ بِالطَّاعُوْنِ.